الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي: بداية فاترة

نشر في  18 ماي 2017  (22:09)

بقلم الناقد طاهر الشيخاوي- مراسلنا من مهرجان كان

في يومه الثاني لم يقدم مهرجان كان السينمائي بعدُ شيئا يمكن أن يثير الإعجاب.

لم يرقَ فلم « وندرستروك » للمخرج تود هاينز، وهو الأوّل في المسابقة الرسمية، إلى مستوى « كارول » الذي قدّمه سنة 2015 والذي نال إعجاب النقّاد وتحصّل على جائزة أحسن ممثلة لروني مارا.

« وندرستروك » مقتبس من رواية للكاتب براين سلزنيك ويروي قصتين تدوران في فترتين مختلفتين من القرن الماضي. قصّة الفتى بان وتدور أحداثها في السبعينينات وقصّة الفتاة روز التي تدور أحداثها في العشرينيات.

سياقان مختلفان ولكن الموضوع نفسه: صمم الأطفال. قصتان متوازيتان ولكن تلتقيان في آخر الفلم في تنازل واضح أمام رغبة مفترضة للجمهور. كان ثقل التأثير العاطفي مكبّلا شيئا ما للعمل ثم زاد التقاء الحكايتين في إفراغهما مما تحملان من أبعاد عميقة خاصة أن أطوار الدراما بالنسبة للشخصيتين لها علاقة بالسينما وتطوره.

يقول تود هاينس في حديث نشر في الوثائق الدعائية التي وزعت على الصحافيين أنه أُعجب بفكرة  بريان سلزنيك الذي ربط صمم روز بالسينما الصامتة وما انجرّ عن ذلك من خيبة عند نشأة السينما الناطقة. ولكن الأمر لم يكن مثمرا من الناحية السينمائية بالرغم أو بسبب اللعب على استعمال الألوان في حالة والأبيض والاسود في الحالة الأخرى، كما لم يتجاوز الشريط الصوتي وظيفته الدرامية الأولى.

«قمر جوبيتر» للمخرج المجري كورنيل موندروشو: استعارة ركيكة في اللعب بكليشيهات الثقافة المسيحية...

أما الشريط الثاني في المسابقة الرسمية فعرض في اليوم الثالث أي 18 ماي، وهو « قمر جوبيتر » للمخرج المجري كورنيل موندروشو الذي كان قد تحصّل على جوائز في دورات سابقة.

اختار موضوعا خطيرا وهو موضوع الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا خلال السنوات الأخيرة بعد الحرب في سوريا. يبدأ الشريط بفكرة مثيرة كان يمكن أن تكون طريفة: يصل عدد كبير من المهاجرين حدود المجر فتكتشفهم الشرطة وتتدخل بعنف شديد لإرغامهم على العودة. ينفصل شاب اسمُه أريان عن أبيه رغم كل المحاولات التي قام بها، ويتمكن من ولوج الأرض اليابسة، ولما تأكدنا أو كدنا أنه نجا من قبضة قواة الأمن، يجد نفسه أمام ضابط شرطة لم يتردد لحظة في طلق النار عليه أكثر من مرّة. يسقط الشاب وقد اخترقته ثلاث رصاصات. فما من شكّ ممكن في موته، لكن يحدث أمر غريب: في تحد غير معهود لقانون الجاذبية يرتفع أريان إلى السماء عاليا، يخترق مسافات ثم يجد نفسه على الارض من جديد.

نفهم من بقية الأحداث أن الفتى يملك قدرة غير انسانية في اختراق الجاذبية. يختلط الواقع باللاواقع ويفتتح الشريط أمام فضاءات كان يمكن أن تعطي للخطاب أبعادا أخرى، ولكنه يسقط بسرعة في نوع  من السذاجة المضحكة. ينحى الفلم منحى بوليسيا مبنيا أساسا على الإثارة بالرغم من حسن النوايا الأولى. وتصبح الإستعارة ركيكة جدا في اللعب بكليشيهات الثقافة المسيحية…